
هل سبق لك أن شعرت في أي وقت كما لو أنك تسير عبر يومك من دون تشعر فعليًا بما يدور؟ أنت تنجز مسؤولياتك، تناقش الناس من حولك، وأحيانًا كثيرة تضحك، غير أن في أعماقك هناك فراغ كبير لا يبدو كأن شيء يملأه حقًا. هذا هو ما نطلق عليه اسم الفراغ النفسي — شعور خفي ولكنه جارح يجعل المرء نشعر أن شيئًا ما مفقودًا في أعماق حياتنا. لأنّ هذا الإحساس الداخلي ليس عادةً عابرًا، فإن معرفة أسبابه هو أول خطوة نحو مقاومته واستعادة مسار تمتلئ بـ الهدف.
إلمام بـ الفراغ الذاتي ينطلق بالتعرف على أسبابه الممكنة.
غياب الانخراط العاطفي
واحدة من العوامل التي تسبب الفراغ الداخلي هو الشعور بالانفصال عن المجتمع. قد يكون لديك الكثير من الأشخاص بقربك، لكن بدون علاقات صادقة، قد تشعر بالوحدة.
غياب المعنى
عندما لا نملك السبب الذي يدفعنا يوميًا، يتحول الأمر إلى روتيننا مجرد مهام بلا حافز. هذا يمكن أن يؤدي بنا إلى أن نكون بلا حافز.
الصدمات المبكرة
التجارب السلبية التي لم نُعالجها قد تبقى تحت السطح في تشكيلنا. هذا الماضي غير المعالج يترك فجوات داخلية قد تنعكس في شعورنا بعدم الاكتمال.
الكمالية
القلق الدائم لتحقيق الكمال من شأنه أن يسبب شعورًا دائمًا بعدم الاكتفاء. حتى لو حققنا أهدافنا، قد لا نشعر بالرضا لأن المعيار الذي وضعناه مبالغ فيه.
الانطواء
في أوقات معينة، نعزل أنفسنا بشكل متعمد، ولكن مع مرور الوقت، يمكن لهذا الانعزال أن يؤدي إلى شعور بالوحدة. التواصل الإنساني أساسي لتغذية أرواحنا.
الاعتماد على مصادر خارجية للسعادة
عندما نُحمّل سعادتنا بـ النجاح المهني، فإننا نضعها في مهب الريح. حين تزول تلك العوامل، يظهر الفراغ.
إدراك مصادر الإحساس بالنقص الداخلي هو خطوة أولى نحو الشفاء.
لكن لا تتوقف هنا. فهم السبب يساعدك على الفهم، لكن رد فعلك عليه هو ما يحدد مستقبلك.
ابدأ بـ مراقبة مشاعرك. خذ لحظات للتأمل الداخلي معلومات إضافية دون مشتتات، وقم بطرح سؤال داخلي:
ما الشيء الغائب عني؟
هل أبحث عن الأمان؟
هل هناك مشاعر دفنتها؟
ليست كل الإجابات واضحة منذ البداية، ولكن الصدق الداخلي هو أول الطريق.
املأ هذا الفراغ بـ ما يُنير روحك، لا بـ مشتتات لحظية.
ربما يكون ذلك من خلال:
الوعي اللحظي
تسجيل الأفكار والمشاعر
التنزه في الهواء الطلق
فتح قلبك لمن يفهمك
الاستعانة بمعالج نفسي إن استدعى الأمر
توقّف عن انتظار لحظة جاهزيتك التامة، فقط اتخذ خطوة صغيرة.
احرص على أن الشعور بالخواء الداخلي ليس نقطة توقف طريقك، بل إشارة من ذاتك تحثّك على التغيير.
فهم مصادره تُعد الخطوة الأولى نحو تحقيق حياة مشبعة بـ السعادة الحقيقية.
في الوقت الذي لا يمكننا الإدارة في جميع الأحداث المحيطة، بوسعنا دائمًا تشكيل عالمنا النفسي ليصبح أدفأ وأكثر تحقيقًا.